الأربعاء، 5 يونيو 2013

قصه قصيره\..غيبوبة..!!



غيبوبة...!!
قصة قصيرة..

الحياة جميلة حين تملؤها الألوان والطبيعة والوجوه المبتسمة والشباب المفعم بالحيوية والنشاط
والصحة , تحوم حول كل شئ كالفراشة المتزينة، تبحث عن السعادة والحب والعاطفة الجياشة
ناقشة على أوراق الزمن أحلام وقصص خياليه تلتهم الواقع برغباتها وتطلعاتها ولهفتها لما هو
أجمل , هكذا أنا وتلك هي حياتي التي بعضها مكتوب ومقدر بعطر الصبر والبعض الأخر تصنعه
الرغبات والأماني ليخلق السعادة ولو كانت متصنعه فبالأخير مازلنا نستطيع إسعاد أنفسنا , أعيش
مع والداي وبعض أخوتي والباقين متزوجين ولديهم أبناء فأنا خاله وعمه لهم وحناني لهم يقارب
الأم وأكثر، فهم أبنائي الذين لم أنجبهم لعشقي المتزايد لهم وهم بالمثل..!!

كنت اعمل واعتمد على نفسي، أتشاطر مع نفسي كل شئ، الهم والحزن والفرح وحتى الشكوى تبقى
لنفسي لا احد يشاركني وحدتي سواء نفسي، أحببت ذلك ومازلت حتى لو ضج المكان بمن حولي
تراني ابحث عن مكان هادئ كي أستجمعني وأفكر في أي شي معي,, ربما أحبني لأنني افهم نفسي
أكثر من غيري وهذا وارد لدي الجميع ولكن بالفعل أجدني مع نفسي كالأصدقاء نتمازح ونعلق
على الأمور التي تحدث حولنا ونضحك كالمجانين هو ليس جنون ولكن لم أجد اصدق مني لنفسي فهناك الكثير ممن يخالف نفسه ويكذب عليها ويخدعها ولكن كنت مختلفة, ولدي الكثير حول مواقفي مع نفسي ولكن عنوان حروفي يختلف عما أكتبه الآن وهو الغيبوبة..!

حروفي الأولى كُتبت وأنا في مقتبل العمر, لم أتزوج يوماً, مررت بتجارب كانت بمحض الصدفة
لذلك انتهت على نفس وتيرة البداية, كنت اعمل واعتمد على نفسي, لم اقصر بحق نفسي في شي
كنت اخرج لترفيه نفسي فقط وكانت قليله, بالمعنى الأصح كنت بيتوتيه, لدي اصدقائي وحياتي
الجميلة نسبياً، أمارس رياضة المشي وطعامي جيد وكنت أتحضر للسفر , وفي يوم ذهبت لأخلد
إلى النوم متعبة من جدول اليوم بهمومه ومشاكله وأحداثه لأصحو ليوم أخر واستعد لكل ما فيه،
أغلقت الإضاءة  وأغلقت عيني لأغرق بإيراداتي في بحر النوم متشهدة مستسلمة حالمة تائه بين الواقع
والخيال تاركه كل واقعيتي وعالمي وروحي إلى ما لا يعلمه إلا الله سبحانه..!!

تعمق جسدي على فراشي وكأن الجاذبية الأرضية كانت تشدني لها , تباطأت أنفاسي, تجمدت مقلتي
تحت أجفاني ، وفقدت الشعور بي وبكل حواسي وكل ما هو كائن حولي, ورحلت إلى عالم الموتة
الصغرى حيث الأرواح تتلاقى, حيث أرى من رحل ومن لم يرحل, حيث أفعل ما لم أفعله وحيث أملك
كل ما لم أملكه, هناك بعيدا خلف اللاوعي استطيع أن أقول ما كنت أتمنى دون حسيب أو رقيب ودون
توقف، فالأحزان مؤقتة والدموع وقتية, هي الأحلام الجميلة والرؤى التي ربما تصل وتتحقق فالواقع
وربما تتلاشى وتنعدم, ولكن هي أحلامي صورة طبق الأصل من رغباتي وبحريه تامة..!
حلمي كان عشوائي، وفي ذلك الحين كنت أرى نفق وكل خطوه أخطيها بداخله كانت ملابسي تذبل وتتحول من الألوان إلى اللون الرمادي حتى وصلت لأخره، ولم يكن له أخر سوا طريق مقطوع دون الإشارة بلافته لانقطاعه، فتوقفت وكدت أن أقع فنظرت بعيني حتى الأسفل ولم أجد سوا أوراق الخريف متناثرة في كل مكان والرياح تجذبها إلي...!!!

فزعت من النوم وفتحت عيني وأخذت انظر حولي!! الغرفة ليست هي غرفتي , فغرفتي كانت كبيره ملونه تدخلها الشمس ورائحتها عطره، وملابسي معلقه تزهوا بألوانها، وكل ما فيها كان جميل, ولكن هذه بيضاء نافذتها مغلقه، ستائرها بيضاء صغيره رائحتها ليست طيبة, أين أنا وكيف وصلت هنا دون أن اشعر, فُتح الباب فدَخلت علي أمراه بابتسامه عريضة ووجها يحمل تعبير المفاجأة،  وكأنها فرحه بأنني صحوت من نومي, متسائلة: هل أنتي بخير! قلت نعم, فقلت لها مسرعه: أين أنا، قالت: بأنني فالمستشفى , قلت لها باستغراب: ولماذا: قالت لقد دخلتي في غيبوبة مفاجأة: قلت لها: ومنذ متى: قالت لي: منذ عشرين سنه , قلت لها وأنا مذهولة: ماذا!! عشرين سنه!! هل تمازحيني!! بالأمس كنت متعبه وخلدت إلى النوم ومنذ أمس حتى اليوم أصبح عشرون سنه؟؟؟ , فانتابتني عصبية شديدة رميت كل ما كان بجانبي ومن خلالها كنت أكح مع الشعور بالتعب الشديد فطلبت منها الماء وأن تأخذني إلى الحمام كعادتي عند استيقاظي كما في الماضي، فمدت يدها لتجر يدي وتساعدني على الوقف، فسقطت عيني على كف يدي الجافة!!,,

ما هذه التجاعيد!! فانتفضت رجلاي وكدت أسقط  لولا إمساكها بي ومساعدتي على الوقوف مره أخرى , وأخذتني إلى الحمام وأنا مرتعبة من رؤية منظري في المرأة، وكنت أتساءل بداخلي: كيف هو شكلي ، شعري، ملامح وجهي, كثير من الاستفهامات خنقتني حتى وصلت إلى الحمام، ولحظة دخولي أخفضت رأسي كي لا أراني ويداي ترتجف فوضعتها على قلبي, فقاومت مشاعري وأسرعت بعيني إلى المرأة ..!!
بصرخة تملكت كل جوانحي تساءلت : من أنتي؟ وكيف أصبحتي تملكين ربع ملامحي, بشعرك الأبيض وعيناكِ الهزيلتان وخطوط شفاهكِ !!! أخذت اتجه بوجهي يمينً ويسار وأتقدم وأتأخر غير راغبة فالتصديق أن تكون تلك ألكهله هي أنا!! شعور متعب عند عدم استطاعتك على حمل جسدك بين ليلة وضحاها,,,!! لا بل بعد عشرون سنه..!!

كنت يانعة جميلة مشرقة بشبابي مفعمة بالحيوية ولم أتمتع بكل ذلك..كيف لي أن أنام كالوردة, واصحوا
على ذبولي وتكسر ملامحي ,, من أنا ..من أنا..أنطقي يا نفسي لا تتبلدي,, يسكنني هدوء يكاد يفجر هدوئي،
مشاعر متضاربة وأفعال لا إيراديه وسؤال يخنق عبرتي ماذا سأفعل بهذا الجسد الهرم ..!! رغبت فالنوم من جديد فربما كان مجرد حلم..ولكن كل شئ كان حقيقة..!! تنهمر الدموع وبصوت شجي تتلبده الغصة , أين أنا , ماذا أصابني حينها, وأين هم أهلي..!!

المرأة كانت ممرضتي التي تعتني بي وكانت متفاجأة برجوعي حيث هرعت بعد دخولي الحمام إلى الأطباء
كي يأتوني ويعاينوني, وتخبر أهلي بعدها بعودتي إلى الحياة,,لحظات خرجتُ فيها من الحمام حتى طرق الباب ودخلت مجموعه كبيره من الأطباء تغمرهم المفاجأة والرضا عن حالتي، وكنت ابحث بعيني عن من سيكون
قادم خلفهم لأرى أهلي وما حل بهم من بعد غيابي الطويل,, صوت إقدام متسارعة إلى غرفتي,, رجال ونساء
أعمارهم متفاوتة وهم في مقتبل العمر والشباب يحومون حولي وينادوني بصوت واحد تملئهم السعادة
خالتي..خالتي..وخلفهم نساء اكبر مني يتلبسهم الشيب وكبر السن كانوا أخواتي وهؤلاء هم أبناءهم ..هم أطفالي الصغار حين كنت في شبابي, وبعضهم متزوج يحمل أطفاله,, ابتسمت رغم حاجتي للبكاء، ألقيت بهم
في حضني رغم افتقاري لمن يغمرني بحضنه وعطفه , وكلهم بخير وصحة ولله الحمد، ولم يكن ينقصهم شي سوا أنا..! أخبروني بأنها مجرد غيبوبة لهبوط فالدم, ولكن لم يكونوا يعلموا بأن لي أخطائي الدنيوية واحتاج إلى المغفرة من الله، لم اشكر الله على النعم, كنت أتذمر لكل شئ, لا اصبر على شئ, ولا اكترث لشبابي حتى فقدته، فكما تدين تدان, والمغفرة تأتي بالابتلاء أما في الدنيا أو فالآخرة, وطوبا لمن غفر له فالدنيا قبل الآخرة,,!

تجالست معهم وتمازحت  بروحي الشبابية التي تركتها قبل سنين , وعدت إلى منزلي ووالداي أطال
الله في عمرهما , عدت بروحي وتركت جسدي الضعيف فالمستوصف حتى لا أتذكره , عدت لأكمل باقي
عمري في غرفتي دون أن أتجمل أو انتظر حب أو عاطفة تحي قلبي.. عدت فقط لأبتسم واسعد نفسي برؤية أهلي والتقرب إلى من أراد لي العودة الله  سبحانه,,عدت لأعمل باقي عمري وأفوز بالجنة فهي حياتي الحقيقية الأخرى ..!! هو ابتلاء من الله حتى لو ضاع نصف عمري, قضيته في غيبوبة , ولكن من عاش دون غيبوبة وضيع كل عمره في المعاصي والأحزان والهموم, وترك العبادة والشباب والسعادة والهناء والقرب من الله فبماذا سيفوز,,!!

كلمة أخيره:
قصة كتبتها لتنوير بعض القلوب التي تلقي بنفسها للتهلكه، وتجعل من نفسها هم للآخرين, الحياة جميله بحلوها ومرها ولكن برضا الله, فلتعيشوها بسعادة أنتم تصنعونها لأنفسكم وكيفما كانت قبل فوات الأوان, وما يصيب البعض من ابتلاء ومرض وفقر وفقد هو قضاء وقدر من الله ليغفر بها الذنوب فلا تبتئس من الابتلاء فكما تدين تدان ورب العباد يقتص منك ليجزيك بالجنة فالصبر والحمد والشكر على النعم والإيمان بالله والرضا بالقضاء والقدر هو الفوز الحقيقي ولو ضاع عمرك فالدنيا إنما هي دنيا فانية، فالآخرة هي مصيرك الحقيقي وحياتك الخالدة..!!,,فقط أعمل الخير,,فالعاقبة للمتقين,,!






ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

كورونا صديق أم عدو,,!!

كورونا صديق أم عدو,,!! #خليك فالبيت.. ** ها أنا أعود لقيثارة حروفي من جديد وقد أجبرتني ظروفي للعودة وذلك بعد الحجر المنزلي الذي...