ذرة كبرياء..!!
مدخل..*
نعجب حين نرى البعض وقد تملكهم الكبرياء والغرور, وربما غير طباعهم وجمد أحاسيسهم, وربما تملكهم حتى ملكهم وأصبحوا مصابين به, نظراتهم تختلف وسلوكهم يختلف هنا يكون الخروج عن الطبيعة حتمي, فيزداد الحديث عن النفس وتتسلل كلمة أنا بأنانية إلى قلوبهم وعند الوصول إلى أخر المطاف وهو ما يسمى بجنون العظمة, هنا أعتقد بأن الوحدة هي الملازم الأول لهم بعد هجر الجميع إلا من المنافقين بالطبع, فدعونا نأخذ بعض صور الغرور والتكبر من الواقع,,,!
بعض الصور..!
يعمل في مؤسسة, لا يبتسم ولا يلقي التحية ولا يساعد, وعمله يحتم عليه القيام بتلك الأمور الثلاث, يزعجه كل شئ ويضايقه أي شئ, ولا علاقة صداقه تبنى في حياته العملية, فهو أرقى منهم جميعا وليسوا بمقامه, ويكره حتى الحديث معهم, ويكره من يحمل في قلبه ذرة كبر, إذا لماذا تعمل مع البشر مادمت لست منهم,,,!!
صورة ثانيه..!
تدخل حفل الزفاف عمرها فالخمسين تتلفت يمين ويسار من سيسلم سوف أمد يدي له ولكني لن أقترب منهم, تنظر باشمئزاز شديد كل من تقع عينه في عينها, تشيح بوجهها عنه باحتقار وتقزز وبعبوس يزيد تجاعيد وجهها, تمشي باستقامة ورأسها مرفوع للسماء لا أحد في نظرها يوازي مقامها, فهي الأفضل والأرقى ولكن ليست كذلك عند الله, فلماذا حضورك للحفل ما دمتي لن تنزلي لمستوى المدعوين,,!!
صورة ثالثة..!
دخل إلى عالم التواصل الاجتماعي ومنها تويتر, تحدث وحاور وناقش, فأعجب به البعض وكل يوم يضيفه العشرات, أسلوبه جميل, ملفت للانتباه, شخصية مميزه, ولكن حين وصلت الإضافات لللآلاف تغير, أسلوبه في النزول باستمرار, غروره لم يعد له حدود, ينتقد, يشتم, يستفز,يلبس ثوب المثالية, جرئ, يتجاهل أغلب من يحادثه, ويرفض الإضافات, باختصار أصابه جنون العظمة ونسى أو تناسى انه مجرد موقع تواصل وسوف تنتهي تلك الشعبية يوماً ما,,!!
صورة رابعة..!
متواضع يساعد هذا وذاك , طيب, أخلاقه حميدة, لا يشكوا منه أحد, يعمل في وظيفة متوسطه, يجتهد في عملة, ينصح ويرشد, يمنح وقته للجميع, ترشح كما ترشح البعض لمنصب مرموق, وعد وتعهد بكل طيبة كي يمنح الجميع الاستقرار والأمان فالعمل والطمأنينة, وحين جلس على الكرسي, تخلى عن تواضعه, ومبادئه, وأخلاقه, وطيبته, وطبيعته, واتشح بالنفاق والخبث والغضب والغرور ونكران الجميل لمن ساند , فهل كان طيباً بحق..!!!
صورة خامسة..!
تربى أفضل تربية, وتعلم, ولم ينقصه الكثير بفضل الله و بفضلهما, بحث والده عن عمل له, وبحثت أمه عن عروس له, وعندما أعتمد على نفسه تخلى عنهما فهو اليوم في غنى عنهم, أصابه الغرور حين أعتقد بأنه سوف يعيش بسعادة بدون رضاهم ودعواتهم الصادقة, أعماه تكبره عن دورة في زيارتهم ورعايتهم واحترامهم ورد المعروف لهم, فهو يتبرأ منهم اليوم,, فهل كان أبن بار يوماً..!!!
صورة سادسة..!
أحبها وشجعها في كل مراحل دراستها, كان يسهر على كتابة واجباتها, وبحوثها, ويسعى بكل الطرق لتصل إلى أهدافها, يهتم بمستقبلها ونجاحها, ولكنها عندما ارتقت بأهدافها تطلعت لما يناسبها ويرتقي إلى مستواها, فهو دون مستواها اليوم وغرورها أعماها عن قلبه وفضله وسنين عمره, وعندما سئُلت بعد النجاح الذي وصلت إليه أجابت: لم يساعدني أحد ونجحت بفضل جهودي, فهل كانت تحبه بالفعل,,!!
صورة سابعة..!
صديقتها منذ زمن,تشاركا في كل شئ, وجمعتهما الحلوة والمرة, وعندما تقدم خطيب لإحداهما رافقت الأخرى صديقتها العروس في كل مراحل زواجها وقدمت لها الهدايا وشجعتها حتى أوصلتها إلى عريسها, وبعد مرور شهور, تخلت العروس عن صديقتها فهي الآن متزوجة ومتقدمه بمرحله جيده على صديقتها وأنجبت ولازالت صديقتها عازية, فغرورها صور لها بأنها الأجمل والأفضل والمرغوب فيها أكثر من صديقتها التي تأخرت بالزواج, فهل كانت صديقة حقيقية يوماً..!!
صورة ثامنة..!
وقف على المنصة ليشيد بمؤسسته التي يعمل بها أمام الحضور, فلم يكمل خطابة حتى أنحرف إلى أعماق نفسه, ومضى يسرد حكاياته وجهده الذي بذله فالمؤسسة, أنا وأنا, وكنت, وأصبحت, ومازلت, فاختلط الغرور بالكذب حتى وصل طول المنصة في خياله إلى أعلى قمة, أصبح في ليلة وضحاها هو المؤسس وهو الموظف الشامل, والمساعد والعارف, والخارق, والمبدع, والمميز, والمحترف في آن واحد, ولم يسقطه سواء بسؤال من الجمهور: من أنت بالتحديد, فهل كان يعلم من هو بالفعل..!!
صورة تاسعة..!
تدخل إلى البيت قادمة من السوق, تصرخ بأعلى صوت "لكشمي" فتأتي الخادمة مسرعه مرتعبه وبدل أن تسلمها الأكياس في يدها ترمي بها على الأرض لتعيد الخادمة تجميعها, تطلب منها الماء فتحضره مسرعه فترى أن الماء غير بارد فتسكبه في وجهها, وتنهرها وتطلب منها العودة للعمل, وحين تعود الخادمة للمطبخ فهي تجلس على ورقة جريده تفرشها على الأرض كما أن تلك الجرائد هي فراشها اليومي, صلب قاسي مؤلم بارد دون أدنى رحمة,, فلو لم تحمل المخدومة في قلبها ذرة كبر فهل سيكون هذا فعلها..!
مخرج..*
"لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر"
الكبر: هو ظلم وتجبر واحتقار الناس, وهو من الكبائر, فلن يدخل الجنة من في قلبه ذرة كبر إلا وقد أخذ جزائه على أخطاءة وأفعاله الدنيوية والتي أصر على استمرارها دون توبة حتى مماته, ولنعلم أن من تواضع لله رفعه, فمازالت الحياة أمامنا فلم التكبر, كلنا سواسية أمام الله, والفقراء والمساكين والمتعففين أول من سيدخل الجنة, التكبر هو نوع من الجنون والنقص النفسي, فكلما افتقر البعض لشئ ما, زاد غروره وجبروته وظلمة على الغير, التكبر مرض لا يفتك إلا بصاحبة, يدخله في هواجس العظمة والعلو والنظرة الفوقية والعقدة النفسية والتي توصله للهاوية بأفعاله.!
كلنا خُلقنا من أبينا أدم وكلنا سوف نعود يوماً للتراب, فأين يفترض البعض بأنه ذاهب؟؟.. البعض يصيبه الكبر والغرور لماله وشهرته ومنصبه ومكانته الاجتماعية وبدل الحمد والشكر لتدوم النعمة, يتجبر ويظلم ويحتقر من هم أقل شأن منه ولو بدرهم واحد, لذلك يمهله الله حتى يأتي اليوم الذي لا يهمل فيه, فيزول المال و البنون و الصحة أو غيرها وربما يمتعض ويستغفر ويعود إلى الله , أو يزيد في جنونه وطغيانه..!
بعض المتكبرين لا مال لهم ولاجاه ولا منصب يذكر, ولا علم ولا معرفة, ولكنهم يحتقرون ويزدرون الناس وينشرون حسدهم وضغينتهم لماذا؟؟,, الإجابة هي: عقدة النقص, فالبعض عندما ينقصه شئ لديه ويراه متوفر عند الغير فأنه لا يغبط ويتمنى الخير للغير, بل يحتقر ويتمنى زوال تلك النعمة ويتعالى ويتظاهر بالرفعة والكمال والأفضلية, والمتكبرين يتفاوت لديهم ذلك الإحساس فالبعض يشعر به أحيانا والبعض أغلب الأحيان والبعض متلازما تكبر, لا يبتسمون, عبوسين, نظرتهم فوقيه, لا يعجبهم العجب وتجدهم وحيدين لأنهم غير محبوبين إلا من المنافقين وأصحاب المصالح...!
كيف نعالج التكبر: بتذكيرهم بالله دائماً, وبأدلة من القرآن والسنة, والإرشاد والموعظة من خلال القصص, وإذا لم يكن هناك أي تغير فتجاهلهم يفقدهم كبرهم ولا تمنحهم الاهتمام الذي يريدونه, فهم يرون أحجامهم كبيره ويرون الناس صغار كما يصور لهم وهم التكبر.
قال الشافعي رحمه الله:
إن الدنيا دحض مزله, ودار مذلة, عمرانه إلى خرائب صائر, وساكنها إلى
القبور زائر, شملها على الفرق موقوف, وغناها إلى الفقر مصروف, الإكثار
فيها إعسار, والإعسار فيها يسار, فافزع إلى الله, وارض برزق الله, لا تتسلف من دار فنائك إلى دار بقائك, فان عيشك فيء زائل, وجدار مائل, أكثر من عملك, وأقصر من أملك.

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق