أنتي طالق..!!
هكذا قالها وبكل بساطة, وكأنه فرغ من كل تلك الأيام والشهور والسنين
التي مرت بحلوها ومرها, قالها بعد تهديد دام طويلاً وكأنها كانت تستحق
هذه الهدية تقديراً لجهودها وتكريماً لعطائها وعمرها الذي رحل, رحل وترك أثار الشيخوخة على أطراف جفونها الشاحبة, وبين شفاهها المنحنية لأيام الصبر والتحمل التي أمضتها بكل ألم على جراح نزفت حتى جفت مناهلها.
قالت: تزوجته حين لم يقبل به أحد, لم يكمل دراسته, ولم يعمل يوماً,بل كان يعيش على رزق أبيه, ولأجل أصله الكريم قبلت به, دفعته لتكملة دراسته وبكل إلحاح ليرتقي بين كل من تكلم عنه, حتى أخذ البكالوريوس وبقيت على
إلحاحي حتى أوصلته لدكتوراه, كان خائفاً من الأيام أن ترميه على الصخر
يوماً ولكني وقفت بجانبه ورسمت له دنيا ومستقبل جميل وباهر يحلو بصعابه,
رزقنا بطفلين يفوح عبير الأمل من ابتسامتهما العذبة التي أنارت دروبنا من
جمالها كانا سعادتي الكبرى التي ساعدتني على تحمل أعباء الحياة الزوجية الصعبة
التي كنت أشعر أنني أتولى قيادتها وحدي بدون يد أخرى تساعدني أو تحنو علي,
مضت الأيام والسنين حتى أكملت الواحد والعشرين من سنوات زواجي والتي
كرست عمري لها فلم أفكر في نفسي كتفكيري بزوجي وأبنائي , لم اعمل لنفسي
بل لهم فقط فهم يشغلون كل تفكيري واهتمامي في كل أمورهم واحرم نفسي
لأجلهم حتى براحتي.
وصل عمري اليوم الخامس والأربعون, كما وصلها زوجي قبلي بأربع سنين,
وهذا العمر هو عمر الاهتمام بالأبناء وسعادتهم ومواصلة الحياة معهم باستقرار
وحنان ومحبة بعيدا عن الضغوطات والمشاكل العائلية, ولكن هناك من لديه تفكير
مختلف واهتمامات بأمور مختلفة بعيده كل البعد عن أجواء الأسرة وهي المراهقة
المتأخرة, هكذا كما اسمها الجميع, ومن المعني بذلك, بالتأكيد زوجي المصون,
حين وصل إلى القمة بتعبي وسهري وجهدي معه وانتهت تضاريس وجهي على
يده بدأ يفكر في نفسه, في نفسه فقط, وكأنه عاش كل تلك السنين وحيدا أو مهمل ,
أصابه الغرور بأنه مازال يحتفظ بشبابه وبأنني مجرد عجوز تحتاج لعمليات شد
وبوتكس وغيره لأخفي تجاعيد وجهي وأصل لمستوى جماله, بداية تغيره كانت
بين حروفه حتى انتقلت العدوى إلى أفعاله وحركاته فما يفعله لم يتجرأ أبنائي
على فعله فأين أصبح قدوتهم اليوم, أمواله تصرف خارج البيت ملابسه تتغير
بدرجة أناقته, ولم يعد يطيق الجلوس في البيت فروتيننا أصبح يضايقه, كل
ما كان عليه أصبح مختلف باختصار لم يعد حبيبي السابق.بدأت ابحث في ملابسه,
في أوراقه, وبين أغراضه,حتى وصلت لهاتفه النقال حين سمعت صوت مسج
فهرعت إليه لأرى من صاحب المسج وهو يجلس مع أبناءه في الصالون
قرأت المسج..(حبيبي هل ستتأخر اليوم)..!!!
أصبت بصدمة كادت أن تشل قدمي حاولت التمسك ولكني وقعت على الأرض
وقلبي تزداد ضرباته توقعت ذبحة صدرية أم جلطة دماغيه ولكني تماسكت
بقوة من الله وعيناي تكاد تغرق من وفرت دموعي فلم اعد أرى منها, وضعت
يدي على رأسي وأنا أتمتم, هل هذه نهاية العشرة معك, هل هذا هو مصير الحب
الذي منحتك إياه طول تلك السنين والإخلاص وهل وهل؟ وأنا غارقة في غمامة
فكري وهول مصيبتي وفاجعتي..!!
سمعت أقدام تتجه نحو باب الغرفة حتى توقفت عند العتبة..فلتفت مسرعه نحوها..!
لم انطق بكلمة حتى سمعت..أنتي طالق....!!!
توقفت أحداق عيني..وأنفاسي..وكل جوانحي..وحل الصمت ينهش لحظاتي حتى نطق فؤادي :
قبل أن أحاسبه عاقبني وكأنه كان ينتظر تلك اللحظة بشغف..فمن الملام في تلك اللحظة
أخلاصي له..أم خيانته لي..!!..هكذا هو الرجل عقابه ساري مقابل الخير والشر..!
مُنح الرجل تلك العصمة لطبيعته الصبورة وقوة تحمله على ألا ينطق بتلك الكلمة إلا وقت
الشدة خوفا على أسرته..ولكنه اليوم أصبح ينطق بها وبكل سهوله فلا شيء في مخيلته
يستحق التضحية مقابل متعته وراحة نفسه وأنانيته التي دائما ما يندم عليها ولكن بعد
فوات الأوان...وبعد تدمير فرد فرد من أسرته..!!
تجرد الرجل من كل مسؤولياته فلماذا تبقى العصمة بيده..!! لم تعد المرأة اليوم تشعر بأمان
معه كما كان يقال أنه ظهر وسند لها، بل أصبحت تتوقع منه أي شئ يقلق راحتها ويسبب لها
الخوف وعدم الراحة وحتى الأمراض كالقولون والضغط والسرطان بجانب نقل أمراض محرماته
لها وهي في عفافها تصونه هو ليس برجل ذاك الزمن الذي تكلمت عنه القصص وعن
شجاعته وشهامته وهيبته واحترامه لأهله قبل كل شي، ما نراه اليوم من البعض مجرد
ذكر يهرول خلف رغباته وشهواته حلال كانت أم حرام سواء مع الجارة أم الخادمة أم أي
أجنبية أو غريبة كانت، متناسي سنينه ومسؤولياتها وأبناءه وأولهم شريكته فالحلوة والمرة
زوجته التي أفنت نفسها لأجله وجاء يهديها تقديرا لعمرها الذي ضاع قهر وتعذيب نفسي
دون أي أحساس أو اكتراث وكأنه مات وتجرد من كل أحساس لأجل نفسه، هل هي خرفنه
مبكرة أم قلة عقل ،أم خوفا من فوات الأوان تأتي الرغبة لتتحكم في جميع مشاعره، في نظري
ليس له أي عذر غير الجحود والنكران، وليت كل امرأة لديها علم مسبق بزوجها ونكرانه
لتتوقف في الوقت المناسب عن أفناء نفسها وعمرها له وإعطاءه ربع حياتها والباقي لها
وحدها ، فالحب عقل وقلب معاً..!!
وقمت القهر حين يقول البعض الشرع حلل أربعه، نعم حلل أربعه ولكن ليس بأسبابكم
أو بمزاجكم، فالشرع حلل بأسباب وأعذار مقنعه وهي استحالت العيش بين الطرفين، أو عدم
إنجاب الزوجة أو مرضها ، ويجب التراضي بين الاثنين في كل أمر فهي شريكه له في كل شي،
أم البعض فيأتي بزوجه أخرى بدون علم الزوجة ورغم إنجابها وعدم تقصيرها في شي ، فقط بحجة
الشرع حلل أربعه ، أي شرع هذا الذي يمشي على هواكم أيها الرجال، بل هي رغباتكم التي
لا تنتهي حتى تمتلئ أعيونكم بالتراب...!!!
لو الجميع يقرأ كتاب الله ويتمعن في محكم آياته لا صبحت كل البيوت تعيش في سعادة
وهناء ولكن الجهل بالتعاليم الدينية توقع الجميع فالمحظور وتستهين بكل أمر ربما
يهدم حياه بأكملها، وبعد الندم يأتي جاثياً على ركبتيه بين قدميها ولكن بعد فوات الأوان,,!!
همسة للرجل: لا تسعى للمحرمات في الدنيا، فلك فالآخرة مؤمنة طاهرة وتسعه وتسعين حورية
فلا تستعجل...!!!

هلا والله انا كريزي بايلوت
ردحذف