كنت صغيره في مقتبل العمر حين طرق باب قلبي بل كنت طفله لازالت تجهل معنى الحب ولكنها شغوفة به , فعلمي به قليل يخلوا من التجارب , لازلت أتعلم من أفواه وتجارب الغير القبيح منه والجميل, كنت أعلم فقط بأن الحب جمال وحسن فكنت أجلس أمام المرآة ساعات طوال دون الشعور بالوقت أو احتياج أمي لي, أتحلي لأكون بأجمل حله واضع الطيب الفواح, وأرسم من وجهي لوحة جذابة فيها ورود يانعة ولكن لم يحين قطفها بعد فأمي تنهرني كل ما أتممت زينتي , فما أفعله لا يجوز في نظرها لصغر سني ولكن هو افتناني اليومي بالنسبة لي..!!
كل صباح لدي موعد ممل مع المدرسة ولكن أصبحت اليوم أول من يستيقظ للقائها فليست هي المعنية بل هو, هو.. من هو؟
أبن جارنا بالطبع يقيم بقربنا يحمل كتبه كل يوم ليقف معنا على نفس الشارع ننتظر كلنا الحافلة للذهاب إلى المدرسة ولكننا لسنا مستعجلين فأعيننا لم تمل بعد من رؤية بعضنا والصبح لازال في بدايته, وكم أكره وصول الحافلة عندما نفترق لنلتقي في اليوم الثاني وبنفس الموعد..
كبرت وكبرنا ولازلنا ننتظر بعضنا في نفس الأحياء ولكن مع شئ من النضج فأفكارنا تبدلت وأصبحت المشاعر أكثر جرأة حين تبادلنا أول الرسائل المعطرة, والورود اليانعة, عبرت له عن عمق مشاعري فهو من علمني الكتابة على تلك السطور, ومن علمني كيف أشعر وكيف يكون لي وجود, محبورة سعيدة جداً تغمرني الفرحة وكل ما حولي يتلون بلون ابتسامتي, لا تنالني الأرض بل هو النسيم الذي يشعرني بأنني فراشه خفيفة ذات ألوان زاهية تملك بحسنها كل ما هو حولها, أحببته وأحبني ووجدنا لما هو قادم فالانتظار يخلق أفكارنا وينميها بالفطرة لنبدأ حياه جديدة تختلف تماماً عما نحن عليه وهو الارتباط..!
اقترب الموعد وتقدم لخطبتي فلم تكن هناك أي مصاعب من قِبل الجميع سوى بناءه لنفسه ومستقبله كي يفتح باب الاستقرار ويأخذني معه , فكان أول اقتراح بيني وبينه بأنني سوف انتظره وبأنه سوف يسافر للعمل ويعود محمل بمشاعر الشوق والعهود التي تعاهدنا عليها.
رحل أبن جارنا وحصل على فرصة عمل لا تعوض , كنت فرحه بأخباره التي تصلني عبر الرسائل وبأحلامه الجميلة , لا تحملني الأرض حينها من فرط السعادة عندما أقرأ كلماته العذبة, وبقينا على هذا الحال خمس سنين , وكنت قد انتظرته لانقضاء عقد عمله لنبدأ حياتنا الجديدة ولكنه فاجأني برسالة طارئة بأنه مضطر لتجديد العقد لخمس سنين أخرى , انتابني الحزن الشديد ولكن نجاحه كان يبهرني به ومواقفه وحبي له كان يلزمني على انتظاره ولو لأخر العمر, فانتظرته خمس سنين أخرى وفي السنة الأخيرة بدأت الرسائل تقل شئ فشئ حتى أصبحت أسمع أخباره من أمه بأنه بخير وفعل كذا وأنجز كذا أما ابتسامتي فكانت تتلاشى شئ فشئ, وشبابي كان يعزم على الرحيل فالأيام تمضي أمامي وأنا لازلت انتظره وانتظره وانتقص من أحلامي الكثير فكنت أعشق وحدي وأجدد أفكاري وحدي حتى تلاشت الأفكار وبقي رمقي الذي كان يمر إمامي فالوردة الحمراء جفت أطرافها وذبلت حد الانحناء لجور الزمن, أين, ومتى,, حروف كنت أرددها لأستمر أكثر وأصمد ولكنني عجزت وتوقف كل شئ داخلي وكأن الزمن هو من توقف فالعد التنازلي لعمري كان في ازدياد حتى حانت لحظة الصفر عندما جاءتني أخبار رسالة وصلت لأمه بأنه تزوج , نعم أنه تزوج فلا تستغربوا برود مشاعري فما كنت في حياته سوى سكة قطاره التي تدفعه للأمام والذي مر بها دون أن يكترث لألمي أو عمري أو أحلامي هكذا كنت لمسيرته وبكل بساطه, لا شئ من بعد كل شئ..!!!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق